Datasets:

text
stringlengths
1
2.38k
en_topic
stringclasses
10 values
بيد أن هذه وسواها من المشكلات الدستورية ليست قاصرة على الولايات المتحدة
Religion
كذلك، فإن الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية
Religion
تعد أهلية المحاكم لمراجعة التشريعات (والأوامر التنفيذية) مثالا آخر على التعدي الواضح على مبدأ الفصل بين السلطات
Religion
يمكن، في الحقيقة، أن نتفهم تعبير المحاكم عن عدم ثقتها بالسلطة التنفيذية، فقد علمنا التاريخ في كل مكان، خصوصا في أوروبا، درسا عالميا: إن أي سلطة تنفيذية بلا رقابة هي سلطة تعسفية منفلتة
Religion
غير أن هناك بعدا آخرا أقل شكلية وأكثر عمقا لقضية الاستقلال القضائي، وهو بعد وثيق الصلة بمفهوم الفصل
Religion
لا يعني ذلك أن المحاكم لا تأخذ في الحسبان مآسي المحرومين في بعض الأحيان، لكن يعمل القضاة اجتهاداتهم، بنيويا ونموذجيا، في نطاق من الخيارات القانونية التي يحددها القانون سلفا
Religion
إن ترسخ القضاء في نظام الدولة يفسر أيضا علاقته بالسلطة التنفيذية
Religion
إضافة إلى ذلك، وكما ناقشنا سابقا، قد تجري وضع اللوائح والعقود الإدارية التنفيذية من جانب السلطة التنفيذية نفسها التي تعمل باستقلال كسلطة تشريعية وتنفيذية في الوقت ذاته
Religion
تتمحور الخصائص السابقة التي وصفناها في نقطتين رئيستين
Religion
مجمل القول، إن الممارسة وحتى النظرية الخاصة بالفصل تثيران تساؤلات عميقة
Religion
إن مبدأ الفصل بين السلطات كما يفهم حرفيا أو كما يفسر كمبدأ لتقاسم السلطات ليس ديمقراطيا في جوهره
Religion
لم يكن ثمة دولة إسلامية قط
Religion
يقوم الحكم الإسلامي (الذي يوازي ما نطلق عليه اليوم اسم الدولة) على أسس أخلاقية وقانونية وسياسية واجتماعية وميتافيزيقية مختلفة جذريا عن الأسس التي تدعم الدولة الحديثة
Religion
وفي حين أن الدولة القومية هي غاية الغايات ولا تعرف إلا ذاتها، ما يجعلها ميتافيزيقيا الأساس الأسمى للإرادة السيادية، فإن الأمة وأعضاءها الفرادى وسيلة لغاية أعظم
Religion
تتكون الأمة، في تعريفها النموذجي، من مجموع المؤمنين المتساوين في القيمة، كمؤمنين، فلا يتمايزون أمام الله
Religion
من هنا، تأتي الأمة ويأتي أفرادها قبل السلطة التنفيذية، تاريخيا ومنطقيا على حد سواء، تما مثلما تسبق الشريعة تلك السلطة التنفيذية على المستويين
Religion
الاستثناء وليس القاعدة
Religion
إن الله هو صاحب السيادة لأنه يملك كل شيء بالمعنى الحرفي
Religion
تتكون الشريعة من النظام التأويلي والمفهومي والنظري والعملي والتعليمي والمؤسسي الذي اصطلحنا على تسميته القانون الإسلامي
Religion
الآن، تكفي الفقرات السابقة لحسم فكرة معينة: لا يمكن أن يكون ثمة إسلام من دون نظام أخلاقي قانوني مرتكز على بعد ميتافيزيقي؛ ولا يمكن أن يكون ثمة مثل هذا النظام الأخلاقي من دون سيادة إلهية أو خارجها؛ وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن تكون ثمة دولة حديثة من دون سيادة أو إرادة سيادية خاصة بها، لأن أحدا لا يستطيع، في تقديري، أن يزعم على نحو معقول أن الدولة الحديثة يمكن أن تستغني عن خاصية الشكل الأساسية هذه، خاصية السيادة
Religion
يتعلق أحد تلك المضامين بالقدرات الدستورية للشريعة
Religion
لتحقيق ذلك، لا بد من أن نفهم شيئا حول طريقة أداء الشريعة وظيفتها وكيف عاشت بالفعل
Religion
أدى هؤلاء، بصفتهم فقهاء، وظائف عدة، تعليمية وتدريسية وقضائية ومتعلقة بمهمات الكاتب العدل
Religion
كان المفتي، في مواقف واقعية معينة، هو الذي يحدد القانون
Religion
كانت سلطة الفتوى حاسمة
Religion
يفسر الدور المحوري للفتوى في المحاكم الإسلامية سبب عدم الاحتفاظ بأحكام القضاة أو نشرها كما هو متبع في محاكم القانون العام
Religion
هكذا، كانت الفتاوى النابعة من عالم الممارسة القانونية لا أحكام المحاكم، هي التي تجمع وتنشر، ولا سيما تلك التي كانت تحتوي على قانون جديد أو تمثل إحكاما قانونيا لمشكلات قديمة لا تزال على صلة بالواقع
Religion
غير أن أغلب الأعمال القانونية الإسلامية لم يكتبها مفتون، بل كتبها مؤلفون فقهاء اعتمدوا بدرجة كبيرة على فتاوى المفتين البارزين
Religion
أصبح كثير من الأعمال التي وضعها ونشرها المؤلفون الفقهاء مراجع أساسية للقضاة الذين درسوها عندما كانوا طلابا واسترشدوا بها عندما تولوا وظائفهم القضائية
Religion
ثمة نقطة أخيرة تجدر الإشارة إليها، ألا وهي العرى الوثيقة التي لا تنفصم بين القانون والمجتمع (ويجب أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب عرض الأمر بلغة النظام الاجتماعي والنظام القانوني لأن العلاقة التنافذية بين القانون والمجتمع تستعصي على أي تمييز ذي مغزى بينهما)
Religion
لما كان القانون تراثا معيشا وحيا، فإن الناس كانوا يعرفون ما القانون
Religion
بيد أن انتشار القواعد الأخلاقية القانونية والمعرفة القانونية في عالم الإسلام الاجتماعي نجم أيضا عن تراث متراكم منقول من جيل إلى جيل، عززته في كل مرحلة مشاركة نشطة لطلاب القانون الطموحين، وكبار المفتين وصغارهم، والأئمة، والنصائح التي كان يعطيها القضاة وذوو العلم الآخرون من حين إلى آخر عندما كانوا يزورون معارفهم أو يسيرون في الشوارع أو يتسوقون في الأسواق
Religion
صحيح أن الشريعة كان ينتابها تجاه السلطة السياسية التنفيذية بعض التوجس (أو غياب الثقة على حد تعبير اللغة الدستورية الأميركية)، بيد أن ذلك يشهد لقدرتها على التزام الولاء للمجتمع والأخلاق حيث عملت وعاشت
Religion
إذا كانت السلطة التشريعية في الإسلام متجذرة بالكامل في قانون إلهي قائم على أسس اجتماعية (وما من تعارض هنا)، وإذا كانت الشريعة سلطة تشريعية مستقلة، فكيف كانت علاقتها بالسلطة القضائية؟ قبل الإجابة عن هذا التساؤل، يجب أن نلاحظ أن الحكم في المنازعات كان مهمة واحدة فقط من المهمات التي كانت تقوم بها محاكم الشريعة وقضاتها
Religion
يماثل ذلك في الأهمية السياق الاجتماعي الذي كان يعمل فيه القاضي ومحكمته
Religion
من المهم أن نعي أن القانون الذي كان يطبقه القاضي نتاج مشروع تأويلي تراكمي ممتد عبر القرون اضطلع به الفقهاء أنفسهم، كمؤمنين أفراد وكأعضاء في الأمة على السواء
Religion
لهذا السبب، فإن أغلب أحكام الشريعة وقواعدها هي، إلى حد بعيد، منتوج الاجتهاد، وهو مجال للتأويل يعتمد على الظن
Religion
أعطى الاجتهاد للفقه الإسلامي كذلك إحدى صفاته المميزة
Religion
لم يكن القضاء الإسلامي مكرسا إذا لتطبيق قانون حددته القوى المسيطرة في دولة أو حدده حاكم متعجرف، بل مكرسا لحماية الشريعة التي اهتمامها الأول تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية على أسس أخلاقية
Religion
كان تعيين الحكام للقضاة يجري على أساس مفهوم التفويض
Religion
على الرغم من ذلك، رأى المستشرق اللبناني المشهور إميل تيان (Emile Tyan)، ولقيت حجته رواجا [بين المستشرقين] لعقود، أنه كان من نتائج مبدأ التفويض الغياب الكامل للفصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية
Religion
ثانيا، ينظر خطاب الشريعة النموذجي إلى القاضي بصفته المفوض الاسمي فحسب لا المفوض الحقي للسلطان أو الخليفة
Religion
أخيرا، يمكن لمفهوم التفويض أن يعني تحكم السلطة التنفيذية في القضاء، ما دام الباحثون المعاصرون يعتبرون عموما أن العزل من القضاء يقوض الاستقلال القضائي، وبالتالي الفصل بين السلطات
Religion
لا بد من ملاحظة أن العوامل الثلاثة التي ذكرتها هي تفسيرات عملية أو وظيفية تفسر وجه الخطأ في ما جاء به إميل تيان
Religion
عرضنا إلى الآن للسلطات التشريعية والقضائية القائمة على الشريعة
Religion
والحال، إن الطبيعة الموقتة نسبيا للسلطة التنفيذية السلطانية تنعكس في مفردات الإسلام المعتادة
Religion
هذه الطبيعة الوقتية التي تميز الحكم السلالي وتقف في تعارض صارخ مع ديمومة الأمة وشريعتها، هي أمر جوهري لاستيعاب المفهوم الإسلامي للفصل بين السلطات، وبالتالي لفهم النظرية والتطبيق الدستوريين الإسلاميين
Religion
كان حكام البلاد الإسلامية، عموما، غرباء عن المناطق التي حكموها
Religion
لم يلتزم كل الحكام، بطبيعة الحال، بقواعد الشريعة بالطريقة ذاتها أو بالقدر ذاته، بيد أن الامتثال كان نموذجيا بصفة عامة
Religion
يعني كل ذلك أن الحاكم التنفيذي كان يقف بمعزل عن السلطة التشريعية وحتى عن السلطة القضائية، كونه خاضعا لأوامرها من نواح كثيرة
Religion
يتيح ما سبق مزيدا من التعليق على التخيل الغربي الاستشراقي واسع الانتشار لمفهوم الاستبداد الشرقي
Religion
تظهر المغالطة في مفهوم الاستبداد الشرقي بصورة أوضح حين نطرح السؤال: ما الذي كانت عليه سلطات السلطة التنفيذية السلطانية ووظائفها؟ أولا، لم يكن للسلطان سيادة حقية
Religion
تتمثل إرادة الدولة الحديثة السيادية، في المقابل، وكما رأينا، في إرادتها القانونية، وبالتالي في قانون الدولة
Religion
تتطلب الشريعة من الحاكم، عبر مبدأ السياسة الشرعية، أن يدير الشؤون الدنيوية وأن يحافظ على عالمها بالنيابة عن الرسول، وهو انتداب يترجم إلى احترام قواعدها
Religion
وفي سبيل تحقيق شروط هذه الرابطة التعاقدية، كان لزاما على الحاكم: (1) فرض أحكام المحكمة الشرعية في منطقته وإنفاذها، (2) تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القرآن، والتي حددتها الشريعة أيضا (الحدود)، (3) الحفاظ على قدرة تشكيل الجيش، (4) الدفاع عن الحدود وتعزيز الأمن في الطرقات، (5) تقسيم الغنائم بعد الحرب، (6) جمع الزكاة وتوزيعها، (7) تعيين القضاة ومفتشي الأسواق (المحتسبين) وعمال السكة الذين يزاولون أعمالهم بحسب الشريعة والإشراف عليهم وإعفائهم من مناصبهم، (8) رعاية القصر اليتامى ومن لا ولي له
Religion
من جهة أخرى، زودت السياسة الشرعية الحاكم أيضا بالسلطة القانونية اللازمة لتعزيز القانون الديني بقواعد إدارية تنظيمية متصلة بجهاز حكم النظام، بما في ذلك، كما رأينا، سلطة تحديد نطاق عمل القاضي في جوانب قانونية معينة أو أنواع معينة من القضايا، وكذلك كبح تجاوزات مسؤولي الحكومة
Religion
هكذا، استلزمت السياسة الشرعية وضع ملحق بالقواعد الإدارية يمكن الحاكم من ممارسة سلطات فعالة في تأديته مهامه
Religion
في حين خضع السكان المدنيون لقانون الشريعة، خضع موظفو الحكومة   بمن فيهم الجيش والشرطة وفئة أمناء السر الإداريين والقضاة لقانون آخر، يمكن أن يسمى بحق القانون السلطاني
Religion
لم يكن متوقعا من الحاكم نفسه احترام قانونه الخاص فحسب، بل قانون الشريعة أيضا، وهو الأهم
Religion
في المجال السياسي الأخلاقي، كان الحلم والرحمة والعفو شبه المطلق معايير متوقعة للحكم يمكن أن يؤدي انتهاكها إلى العزل أو حتى إلى القتل
Religion
لذلك، لم يكن الحكم طبقا للسياسة الشرعية سلطة مطلقة يتمتع بها الحكم السياسي، بل كان، في جوهره، الممارسة الشرعية للحكمة والحلم والحصافة من جانب الأمير في حكمه رعايا الشريعة
Religion
كان الحاكم، باعتباره السيد الأعلى، مسؤولا عن كل ظلم يقترفه عماله أو موظفوه
Religion
كان المقصود من كل هذا أن يبقى هناك خط اتصال مفتوح دائما بين الرعية دافعة الضرائب والنظام الحاكم
Religion
تصل بنا مناقشات هذا الفصل إلى نتيجتين على الأقل تتعلقان بأربع من بين خمس خواص للشكل تتسم بها الدولة وكنا قد فصلناها في الفصل السابق
Religion
ثانيا، كانت الشريعة، في هذا التاريخ وفي الهوية التي أنتجها، التعبير عن سيادة الله، حيث تلخص شهادة لا إله إلا الله المعرفة الأساس والممارسة الدينية والخطابية الخاصة بكون الله هو صاحب السيادة الوحيد
Religion
أخيرا، شكل مفهوم سيادة الله في الإسلام نموذجا خاصا من نماذج الفصل بين السلطات
Religion
هذا القانون النموذجي هو الذي كان يطبق في محاكم العالم الإسلامي، وكان يطبقه، كقاعدة عامة وبصورة صادقة، نظام قضائي ملتزم بالتكوين الأخلاقي والعادل للقانون، نصا وروحا
Religion
مجمل القول إن سيادة الشريعة كانت حكما للقانون أكثر تفوقا من نظيره الحديث، وهو الشكل الحاضر للدولة الغربية الذي التحم، في أغلب الأمثلة، مع ادعاء الشرعية الديمقراطية (أو السيادة الشعبية) التي تجمعها علاقة مربكة بواقعها العملي
Religion
ربما نستطيع القول إن بنى الشريعة النموذجية تكفل ما سماه جون رولز، في سياق آخر، مجتمعا جيد التنظيم، وهو مجتمع اعتقد أن من الممكن تصوره لكنه، شأن الأشياء التي تقف قبالة الحاضر، أضفي عليه طابع مثالي مفرط
Religion
يشير القول إن مجتمعا ما جيد التنظيم إلى ثلاثة أشياء: الأول (وهو متضمن في فكرة تصور العدالة المعترف به على نطاق عام)، أنه مجتمع يقبل كل فرد فيه مبادئ العدالة نفسها، ويعرف أن كل شخص آخر يقبلها أيضا
Religion
صحيح أن هذا مفهوم مضفى عليه الطابع المثالي إلى حد مفرط
Religion
كان يمكن لرولز أن يكون هنا فقيها مسلما مبرزا يصف واقع ثقافته القانونية، ويعلق تلك التعليقات الثاقبة على أوجه النقص في الديمقراطية الدستورية الحديثة
Religion
لا يمكن لعلم وضعي حقا أن يلتقط الحقائق الأخلاقية لأن مقدماته تكون قد ألغت أسسها الوجودية
Religion
يبدأ السياسي عندما أستطيع أن أتخيل أنني أضحي بنفسي وأقتل الآخرين حفاظا على الدولة
Religion
ثمة هنا آلة جهنمية جرى ابتداعها، حصان موت يصل بحلية المكارم الإلهية! أجل، ثمة موت لكثيرين جرى ابتداعه هنا ويمجد ذاته على أنه حياة
Religion
رأينا في الفصل السابق أن الزعم بوجود حكومة صالحة في حدود الدولة الحديثة تضعفه الدراسة المتفحصة لتنظيمها الدستوري
Religion
تستدعي هذه النتيجة، الجلية لأي شخص على معرفة بالشريعة والنظرية الدستورية الحديثة، بحثا إضافيا في التنظيم الدستوري كما تطرح تساؤلا جديا بصدد الرغبة الإسلامية في دولة حديثة قائمة على مبادئ إسلامية
Religion
تتمثل المشكلة الأولى في ما تشهده أوروبا الحديثة من صعود التمييز   أو الفصل في الواقع بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون
Religion
يؤكد الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني ماكس شيلر (Max Scheler) في كتابه مشكلات علم اجتماع المعرفة (Problems of a Sociology of Knowledge)، أن من السمات الأساس للغرب الحديث هوسه باكتساب معرفة السيطرة
Religion
يمتلك الإنسان الحديث، من وجهة نظر شيلر، إرادة قبلية، نضالا من أجل المعرفة متأصلا وينشأ من دافع فطري
Religion
مهدت نظرية شيلر، بهذا الصدد، لأفكار مدرسة فرانكفورت ونظريات فوكو في الضبط والقوة، ووسعت صفة التحكم والسيطرة الغربية الحديثة باتجاه الذات التي تدرك [شأنها شأن الطبيعة] بوصفها شيئا يمكن التحكم فيه والتلاعب به
Religion
التاريخ الغربي الأحدث زمنيا وملحقاته الثقافية المتطورة على نحو مستقل (كأميركا وغيرها)، يظهر ميلا منتظما وأحاديا باطراد وحصريا تقريبا إلى تنمية المعرفة التي تسعى إلى تغيير العالم عمليا
Religion
إذا كان شيلر إلى جانب بيكون (Bacon) وفيكو (Vico) ونيتشه (Nietzsche) وفوكو ومفكري مدرسة فرانكفورت وآخرين محقا في أن نظام المعرفة الغربي موجه بصورة مبرمجة لخدمة القوة والضبط والسيطرة وتغيير العالم، فإن المعرفة، بمعناها الدقيق، تصبح انخراطا في ممارسة القوة وتغيير العالم
Religion
يتسم هذا الارتباط العضوي بين البنية الفكرية للسيطرة من جهة، والأخلاق والقيم من جهة أخرى، بأهمية مباشرة بالنسبة إلينا
Religion
لقد نشأت فلسفة عصر التنوير الميكانيكية نموذجية، بمعنى أن اتجاه الحداثة للسيطرة على الطبيعة أدى إلى تقنين مفهوم الموارد الطبيعية، الذي تطبع الآن تما في بنى الحداثة الاجتماعية الصناعية ومؤسسات الحكم وسياساته، ناهيك بكل كتاب مدرسي من كتب الجغرافيا التي تدرس في المدارس الابتدائية والثانوية الحديثة
Religion
غير أن هذا ليس كل شيء
Religion
ليست الدولة الحديثة وإرادتها السيادية، المتمثلة في القانون، جزءا لا يتجزأ من رؤية العالم هذه فحسب، بل هي أيضا واحد من معماريها الأساسيين
Religion
وضع أوستن قانون الحاكم في صدارة الجدل حول القانون والأخلاق، متجاوزا في ذلك هوبز، بل حتى هيوم (Hume) وبنتام Bentham))
Religion
كل القوانين الوضعية يجب أن تتفق مع القوانين الإلهية
Religion
يرى أوستن أن ما قصده بلاكستون هو أن أي قانون وضعي يتناقض مع القانون الإلهي ليس قانونا
Religion
يعكس تفريق أوستن المفهومي الحاد بين قانون الحاكم والقانون الأخلاقي أهم المبادئ التي طرحها القانونيون الوضعيون من أمثال ج
Religion
لم ينفرد أوستن بهذا التفريق المهم بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون
Religion
القضية الأساس هنا هي أن مصادر العقل (وبالتالي مصادر الفرض والواجب وبعض المفاهيم الأخرى كمفهوم المطلق الكانطي باتت تكمن الآن في الذات، كقوة إنسانية داخلية، لا كانبعاث فكري من نظام كوني (سواء كان أرسطيا أم أفلاطونيا أم غير ذلك) ولا كواقع أنثروبولوجي بروتاجوري تقطع من خلاله الحرية، كما العقل، علاقاتها مع عالم خارجي، لتصبح جزءا من الذات التي تنبع وتعمل كليا في إطارها
Religion
تمثل ثنائية ما هو كائن/ ما ينبغي أن يكون، الصراع بين التجليات الأداتية للعقل وبقايا تراث الأخلاق والفضائل المسيحية
Religion
إذا كان هوبز وديكارت هما اللذان كيفا فكرة الانقسام بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون في البداية وبصورة مبسطة وإذا كان هيوم هو الذي طرحها كإشكالية فلسفية في حين ترجمها أوستن إلى الوضعية القانونية، فإن نيتشه هو الذي أعلى سقفها الوضعي بإنكاره الحاد صحة الانقسام كليا، وهو إنكار لم يتأت من التوفيق بين الاثنين أو على حساب شق الحقيقة من المعادلة، بل تحقق عن طريق التضحية بالقيمة، أو ب ما ينبغي أن يكون، حيث يبدو أن فلسفته قد جردته من كل قيمة
Religion
بعبارة أخرى، دفع نيتشه ثنائية ديكارت إلى نهايتها القصوى
Religion
والحال، إن التمييز بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون في القانون الحديث، وهو ما يجري في العادة على نحو صارخ، لا يمكن أن يتحقق في أي شكل من الحكم الإسلامي، إذا اتفقنا على أدنى تعريف أخلاقي لما هو الإسلام أو ما يمكن أن يكون
Religion
في التراث الإسلامي قبل الحديث وخطاباته، بما في ذلك القرآن (وهو النص المؤسس بالطبع)، لم ينظر إلى القانوني والأخلاقي باعتبارهما مقولتين منقسمتين، فقد كان ما هو كائن وما ينبغي أن يكون والحقيقة والقيمة الشيء الواحد ذاته
Religion
إذا لم يكن لفظ أخلاقي كما نفهمه في الحداثة قد وجد في الإسلام ما قبل الحديث، فإن التمييز بين الأخلاقي والقانوني لا يمكن أن يكون قد وجد، لا في الشريعة عموما ولا في القرآن على وجه الخصوص
Religion
إن القرآن الذي لا يزال محتفظا لدى المسلمين المحدثين بقيمة دينية هائلة واستثنائية، قد زود المؤمنين المسلمين منذ البداية بنظرة إلى الكون قائمة بالكامل على قوانين طبيعية أخلاقية، وهي نظرة كونية قد تكون ذات قوة إقناعية أكبر بكثير من قوة نظيراتها الميتافيزيقيات المرتبطة بعصر التنوير، وذات تأثيرات نفسية قوية وعميقة
Religion